فصل: كِتَابُ الْفَرَائِضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.كِتَابُ الْفَرَائِضِ:

الْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلنَّقْلِ مِنْ الْمَصْدَرِ إلَى الِاسْمِ، كَالْحَفِيرَةِ مِنْ الْفَرْضِ بِمَعْنَى التَّوْقِيتِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} وَالْجُزْءُ مِنْ الشَّيْءِ كَالتَّفْرِيضِ، وَمِنْ الْقَوْسِ مَوْقِعُ الْوَتَرِ، وَمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ، كَالْمَفْرُوضِ، وَالْقِرَاءَةُ وَالسُّنَّةُ. يُقَالُ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَيْ: سَنَّ، وَنَوْعٌ مِنْ التَّمْرِ، وَالْجُنْدُ يَفْتَرِضُونَ وَالتُّرْسُ، وَعُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْبَيْتِ، وَالْعَطِيَّةُ الْمَوْسُومَةُ، وَمَا فَرَضْته عَلَى نَفْسِك فَوَهَبْته، وَمِنْ الزَّنْدِ حَيْثُ يُقْدَحُ مِنْهُ، وَالْحَزُّ الَّذِي فِيهِ وَ{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} جَعَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ الْأَحْكَامِ، وَبِالتَّشْدِيدِ؛ أَيْ: جَعَلْنَا فِيهَا فَرِيضَةً بَعْدَ فَرِيضَةٍ، أَوْ فَصَّلْنَاهَا وَبَيَّنَّاهَا، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. وَهِيَ شَرْعًا (الْعِلْمُ بِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ) جَمْعُ مِيرَاثٍ، وَهُوَ الْحَقُّ الْمُخَلَّفُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَأَصْلُهُ مِوْرَاثٌ، قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً؛ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا التُّرَاثُ، وَأَصْلُ التَّاءِ فِيهِ وَاوٌ، وَالْإِرْثُ لُغَةً: الْبَقَاءُ وَانْتِقَالُ الشَّيْءِ مِنْ قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ، وَيُسَمَّى الْقَائِمُ بِهَذَا الْعِلْمِ: فَارِضًا وَفَرِيضًا وَفَرْضِيًّا- بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا- وَفَرَّاضًا وَفَرَائِضِيًّا. (وَمَوْضُوعُهُ)؛ أَيْ: هَذَا الْفَنِّ (التَّرِكَاتُ) لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهَا مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمَيِّتِ بِمُؤَنِ التَّجْهِيزِ مِنْهَا، وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِبَاقِيهَا، إمَّا وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِمْ، كَأَصْحَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا (لَا الْعَدَدُ) فَإِنَّهُ مَوْضُوعُ عِلْمِ الْحِسَابِ. (وَالْفَرِيضَةُ) عُرْفًا (نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِمُسْتَحِقِّهِ) وَقَدْ رُوِيَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْعِلْمِ، وَالْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ. وَعَنْ عُمَرَ: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ، فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا؛ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ. فَقَالَ أَهْلُ السَّلَامَةِ: لَا نَتَكَلَّمُ فِيهِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ نِصْفُ الْعِلْمِ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ؛ فَإِنَّ لِلنَّاسِ حَالَتَيْنِ: حَيَاةٌ وَوَفَاةٌ، فَالْفَرَائِضُ تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي، وَبَاقِي الْعُلُومِ بِالْأَوَّلِ، وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ لَهُ بِتَعْلِيمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ مِائَةَ حَسَنَةٍ، وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ قِيلَ: وَأَحْسَنُ الْأَقْوَالِ أَنْ يُقَالَ: أَسْبَابُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: اخْتِيَارِيٌّ، وَهُوَ مَا يَمْلِكُ رَدَّهُ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَهْرِيٌّ وَهُوَ مَا لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ، وَهُوَ الْإِرْثُ. وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دَيْنِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَقْرَؤُهَا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُبَيٌّ، وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَحُكِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ دَخَلَ بُسْتَانًا، فَأَكَلَ مِنْ جَمِيعِ ثَمَرِهِ إلَّا الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ، فَقَصَّهُ عَلَى شَيْخِهِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: تُصِيبُ مِنْ الْعِلْمِ كُلِّهَا إلَّا الْفَرَائِضَ؛ فَإِنَّهَا جَوْهَرُ الْعِلْمِ، كَمَا أَنَّ الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ جَوْهَرُ الْعِنَبِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَسَتَقِفُ عَلَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا. (وَمَنْ مَاتَ بُدِئَ مِنْ تَرِكَتِهِ بـِ) كَفَنِهِ وَحَنُوطِهِ وَ(مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) بِالْمَعْرُوفِ وَدَفْنِهِ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ (مُقَدَّمًا) ذَلِكَ (عَلَى نَحْوِ دَيْنٍ بِرَهْنٍ) كَأَرْشِ جِنَايَةٍ؛ إذْ لَا يُقْضَى دَيْنُهُ إلَّا بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ (وَمَا بَقِيَ) بَعْدَ مُؤْنَةِ تَجْهِيزٍ بِالْمَعْرُوفِ (فَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ) سَوَاءٌ وَصَّى بِهَا أَوْ لَا، وَتُقَدَّمُ، وَيُبْدَأُ مِنْهَا بِالْمُتَعَلِّقِ بِعَيْنِ الْمَالِ كَدَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي، ثُمَّ الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ فِي الذِّمَّةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ لِلَّهِ تَعَالَى (كَزَكَاةِ) الْمَالِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَ(الْكَفَّارَةِ) وَالْحَجِّ الْوَاجِبِ وَالنَّذْرِ (أَوْ) كَانَتْ (لِآدَمِيٍّ كَدَيْنٍ) مِنْ قَرْضٍ وَثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ وَجَعَالَةٍ اسْتَقَرَّتْ، وَنَحْوِهَا كَعَقْلٍ بَعْدَ الْحَوْلِ (وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ ضَاقَ الْمَالُ تَحَاصُّوا (وَمَا بَقِيَ) بَعْدَ ذَلِكَ (فَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ) لِأَجْنَبِيٍّ (مِنْ ثُلُثِهِ حَيْثُ لَا إجَازَةَ) مِنْ الْوَرَثَةِ (ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ ذَلِكَ (عَلَى وَرَثَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}. (وَأَسْبَابُ إرْثٍ)؛ أَيْ: انْتِقَالِ التَّرِكَةِ عَنْ مَيِّتٍ إلَى حَيٍّ بِمَوْتِهِ (ثَلَاثَةٌ فَقَطْ) فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِغَيْرِهَا كَالْمُوَالَاةِ؛ أَيْ: الْمُؤَاخَاةِ وَالْمُعَاقَدَةِ، وَهِيَ الْمُحَالَفَةُ، وَإِسْلَامُهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَالْتِقَاطٍ؛ لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». أَحَدُهَا: (رَحِمٌ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}.
(وَ) الثَّانِي (نِكَاحٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الْآيَةَ (وَهُوَ عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ الصَّحِيحُ) سَوَاءٌ دَخَلَ أَوْ لَا، فَلَا إرْثَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ.
(وَ) الثَّالِثُ (وَلَاءُ عِتْقٍ) فَيَرِثُ بِهِ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ مِنْ عَتِيقِهِ (وَلَوْ) كَانَ (فِي شِرَاءٍ فَاسِدٍ) لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. فَشَبَّهَ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ، وَالنَّسَبُ يُورَثُ بِهِ؛ فَكَذَا الْوَلَاءُ، وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ السَّيِّدَ أَخْرَجَ عَبْدَهُ بِعِتْقِهِ إيَّاهُ مِنْ حَيِّزِ الْمَمْلُوكِيَّةِ الَّتِي سَاوَى بِهَا الْبَهَائِمَ، إلَى حَيِّزِ الْمَالِكِيَّةِ الَّتِي سَاوَى بِهِ الْأَنَاسِيَّ، فَأَشْبَهَ بِذَلِكَ الْوِلَادَةِ الَّتِي أَخْرَجَتْ الْمَوْلُودَ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ. (وَمَوَانِعُهُ)؛ أَيْ: التَّوَارُثِ (ثَلَاثَةٌ: رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلَافُ دِينٍ) وَتَأْتِي مُفَصَّلَةً. (وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: مُوَرِّثٌ وَوَارِثٌ وَحَقٌّ مَوْرُوثٌ). وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ: تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ أَوْ إلْحَاقُهُ بِالْأَحْيَاءِ، وَتَحَقُّقُ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ إلْحَاقُهُ بِالْأَمْوَاتِ، وَالْعِلْمُ بِالْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ، وَتُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (وَتَرِكَةُ الْأَنْبِيَاءِ) عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (صَدَقَةٌ لَا إرْثَ) لِحَدِيثِ: «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ عَشَرَةٌ: الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ) بِمَحْضِ الذُّكُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الْآيَةَ وَابْنُ الِابْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ} (وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) بِمَحْضِ الذُّكُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} وَالْجَدُّ تَنَاوَلَهُ النَّصُّ؛ لِدُخُولِ وَلَدِ الِابْنِ فِي الْأَوْلَادِ، وَقِيلَ: ثَبَتَ نَسَبُهُ بِالنِّسْبَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْطَاهُ السُّدُسَ (وَالْأَخُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ) شَقِيقًا كَانَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، أَمَّا الَّذِي لِأُمٍّ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} فَإِنَّهَا فِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا الَّذِي لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ؛ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} (وَابْنُ الْأَخِ لَا) إنْ كَانَ الْأَخُ (مِنْ الْأُمِّ) فَقَطْ، فَابْنُهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْعَمُّ) لَا مِنْ الْأُمِّ (وَابْنُهُ كَذَلِكَ)؛ أَيْ: لَا مِنْ الْأُمِّ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَأَمَّا الْعَمُّ لِأُمٍّ وَابْنُهُ فَمِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالزَّوْجُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} (وَالْمُعْتِقُ) وَعَصَبَتُهُ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ لِلْخَبَرِ وَالْإِجْمَاعِ.
(وَ) الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِنَّ (مِنْ الْإِنَاثِ سَبْعٌ: الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ) أَبُوهَا بِمَحْضِ الذُّكُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهَا أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي: (وَالْأُخْتُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَالزَّوْجَةُ) هِيَ بِالتَّاءِ لُغَةُ سَائِرِ الْعَرَبِ مَا عَدَا أَهْلَ الْحِجَازِ، اقْتَصَرَ الْفُقَهَاءُ وَالْفَرْضِيُّونَ عَلَيْهَا؛ لِلْإِيضَاحِ وَخَوْفِ اللَّبْسِ (وَالْمُعْتِقَةُ) وَمُعْتِقُهَا وَإِنْ عَلَتْ، فَدَلِيلُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمِمَّا يَأْتِي، وَمَا عَدَا الْمَذْكُورِينَ فَمِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَيَأْتِي حُكْمُهُمْ. (وَالْوَارِثُ ثَلَاثَةُ) أَصْنَافٍ: (ذُو فَرْضٍ)؛ أَيْ: نَصِيبٍ (وَعَصَبَةٍ) يَرِثُونَ بِلَا تَقْدِيرٍ (وَ) ذُو (رَحِمٍ) يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ، وَأَصْحَابُ الْفُرُوضِ غَيْرُ الزَّوْجَيْنِ. (وَمَتَى اجْتَمَعَ كُلُّ الذُّكُورِ) الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ (وَرِثَ) مِنْهُمْ (ابْنٌ وَأَبٌ وَزَوْجٌ) فَقَطْ (وَ) مَتَى اجْتَمَعَ (كُلُّ الْإِنَاثِ وَرِثَ) مِنْهُنَّ (بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَشَقِيقَةٌ)، وَمُمْكِنٌ الْجَمْعُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ، وَيَرِثُ مِنْهُمْ أَبَوَانِ وَوَلَدَانِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ.

.(فَرْعٌ): [اسْمُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ]:

(اسْمُ) الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (الْأَشِقَّاءِ بَنِي الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ عَيْنٍ) وَاحِدَةٍ، (وَ) اسْمُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إذَا كَانُوا (لِلْأَبِ) فَقَطْ (بَنِي الْعَلَّاتِ) جَمْعُ عَلَّةٍ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (أَيْ: الضَّرَّاتِ) وَبَنُو الْعَلَّاتِ بَنُو أُمَّهَاتٍ شَتَّى مِنْ رَجُلٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَى أُولَى، كَانَ قَدْ تَأَهَّلَ قَبْلَهَا، ثُمَّ عَلَّ مِنْ هَذِهِ، (وَ) اسْمُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (لِلْأُمِّ بَنِي الْأَخْيَافِ)- بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ تَلِيهَا يَاءٌ تَحْتِيَّةٌ مُثَنَّاةٌ- سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَخْيَافَ الْأَخْلَاطُ، فَهُمْ مِنْ أَخْلَاطِ الرِّجَالِ لَيْسُوا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ. (وَالْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ مَا عَدَا الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ نَصًّا) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلَالَةُ مَنْ عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ، وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ. وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ عَنْ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الْإِكْلِيلِ الَّذِي يُحِيطُ بِالرَّأْسِ، وَلَا يَعْلُو عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ الْوَرَثَةَ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ قَدْ أَحَاطُوا بِالْمَيِّتِ مِنْ حَوْلِهِ، لَا مِنْ طَرَفَيْهِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَإِحَاطَةِ الْإِكْلِيلِ بِالرَّأْسِ، فَأَمَّا الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ فَهُمَا طَرَفَا الرَّجُلِ، فَإِذَا ذَهَبَا كَانَ بَقِيَّةُ النَّسَبِ كَلَالَةً.
قَالَ الشَّاعِرُ:
فَكَيْف بِأَطْرَافِي إذَا مَا شَتَمَتْنِي ** وَمَا بَعْدَ شَتْمِ الْوَالِدَيْنِ صُلُوحُ

(وَاخْتَارَ جَمْعٌ) أَنَّ الْكَلَالَةَ (اسْمٌ لِلْمَيِّتِ نَفْسِهِ؛ أَيْ: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ) يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَقِيلَ: الْكَلَالَةُ: قَرَابَةُ الْأُمِّ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّهُ عَنَى أَنَّكُمْ وَرِثْتُمْ الْمُلْكَ عَنْ آبَائِكُمْ، لَا عَنْ أُمَّهَاتِكُمْ. وَيُرْوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ كَلَالَةٌ، وَيُسَمَّى وَارِثُهُ كَلَالَةً، وَالْآيَتَانِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْمُرَادُ بِالْكَلَالَةِ فِيهِمَا الْمَيِّتُ (وَلَا خِلَافَ فِي إطْلَاقِهِ)؛ أَيْ: اسْمِ الْكَلَالَةِ (عَلَى الْإِخْوَةِ مِنْ الْجِهَاتِ كُلِّهَا) وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ جَابِرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ الْمِيرَاثُ؟ إنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ، فَجَعَلَ الْوَارِثَ هُوَ الْكَلَالَةُ»، وَلَمْ يَكُنْ لِجَابِرٍ يَوْمئِذٍ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَالَةِ عَدَمُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ: زَيْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالنَّخَعِيِّ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَالصَّحِيحُ عَنْهُمَا كَقَوْلِ الْجَمَاعَةِ.

.بَابُ الْفُرُوضِ:

الْفُرُوضُ جَمْعُ فَرْضٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْجُزْءُ وَالْقَطْعُ وَالتَّقْدِيرُ. وَفِي الْعُرْفِ: النَّصِيبُ الْمُقَدَّرُ شَرْعًا لِوَارِثٍ خَاصٍّ، لَا يُزَادُ إلَّا بِالرَّدِّ؛ وَلَا يَنْقُصُ إلَّا بِالْعَوْلِ وَقَوْلُهُ (وَذَوِيهَا)؛ أَيْ: ذَوِي الْأَنْصِبَاءِ الْمُقَدَّرَةِ- وَلَوْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ- كَالْأَبِ مَعَ ذُكُورِيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ؛ فَإِنَّ إرْثَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَفْرُوضٌ، وَهُوَ السُّدُسُ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. (وَهُمْ)؛ أَيْ: ذُو الْفُرُوضِ (كُلُّ الْإِنَاثِ) الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُنَّ (إلَّا الْمُعْتِقَةَ) فَإِنَّهَا عَصَبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) ذَوُو الْفُرُوضِ مِنْ الذُّكُورِ (الْأَبُ) الْمُبَاشِرُ لِلْوِلَادَةِ (وَالْجَدُّ) لِأَبٍ (وَالزَّوْجُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (وَالْفُرُوضُ) الْقُرْآنِيَّةُ (سِتٌّ: نِصْفٌ وَرُبُعٌ وَثُمُنٌ وَثُلُثَانِ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ) وَإِنْ شِئْت قُلْت: النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا، أَوْ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا، أَوْ الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُ كُلٍّ، وَثُلُثُ الْبَاقِي. ثَبَتَ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (فَالنِّصْفُ لِخَمْسٍ: لِزَوْجٍ حَيْثُ لَا فَرْعَ وَارِثَ لِزَوْجَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ}، (وَلِبِنْتٍ) عِنْدَ انْفِرَادِهَا عَمَّنْ يُعَصِّبُهَا وَهُوَ أَخُوهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (وَبِنْتُ ابْنٍ مَعَ عَدَمِ وَلَدِ صُلْبٍ) وَعَدَمِ مُعَصِّبٍ لَهَا، كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ إجْمَاعًا قِيَاسًا عَلَى بِنْتِ الصُّلْبِ (وَلِأُخْتٍ شَقِيقَةٍ مَعَ عَدَمِ فَرْعٍ وَارِثٍ) وَعَدَمِ مُعَصِّبٍ لَهَا مِنْ أَخٍ شَقِيقٍ أَوْ جَدٍّ (وَلِأُخْتٍ لِأَبٍ مَعَ عَدَمِ الْأَشِقَّاءِ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَعَدَمِ مُعَصِّبٍ لَهَا مِنْ أَخٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ، وَعَدَمِ فَرْعٍ وَارِثٍ. (وَالرُّبُعُ لِاثْنَيْنِ: لِزَوْجٍ مَعَ فَرْعٍ وَارِثٍ لَهَا)؛ أَيْ: الزَّوْجَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَوَلَدُ بَنِيهَا كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ}.
(وَ) الرُّبُعُ (لِزَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ مَعَ عَدَمِهِ)؛ أَيْ: الْفَرْعِ الْوَارِثِ (لَهُ)؛ أَيْ: الزَّوْجِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} (وَ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ (مَعَهُ)؛ أَيْ: مَعَ وَلَدِ الزَّوْجِ أَوْ وَلَدِ بَنِيهِ (فـَ) لَهَا (الثُّمُنُ) إجْمَاعًا. (وَالثُّلُثَانِ لِأَرْبَعَةٍ: لِذَوَاتِ النِّصْفِ) وَهُوَ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ فَ (إذَا تَعَدَّدَتْ)؛ أَيْ: ذَوَاتُ النِّصْفِ؛ بِأَنْ كُنَّ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ حُزْنَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ؛ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} فَمُنْكَرٌ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، وَاَلَّذِي صَحَّ عَنْهُ مُوَافَقَةُ النَّاسِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَدَلِيلُ الْإِجْمَاعِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثِّنْتَيْنِ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وَفِي الْبِنْتَيْنِ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُخْتَيْنِ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ شُبْهَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنْ صَحَّتْ عَنْهُ.
فَائِدَةٌ:
لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمُعَصِّبِ فِي إرْثِ هَؤُلَاءِ الْإِنَاثِ الثُّلُثَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْأَوْلَادِ فِي إرْثِ بَنَاتِ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَفِي إرْثِ الْأَخَوَاتِ كَذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْأَشِقَّاءِ فِي إرْثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ الثُّلُثَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ، وَضَابِطُ أَصْحَابِ الثُّلُثَيْنِ أَنْ تَقُولَ: الثُّلُثَانِ فَرْضُ اثْنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِمَّنْ يَرِثُ النِّصْفَ، وَهِيَ عِبَارَةُ ابْنِ الْهَائِمِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ اثْنَتَيْنِ الزَّوْجُ، وَبِقَوْلِهِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ مِثْلُ بِنْتٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ صِنْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثَانِ. (وَالثُّلُثُ لِثَلَاثَةِ: لِوَلَدَيْ الْأُمِّ فَأَكْثَرَ يَسْتَوِي فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (وَلِلْجَدِّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ) مَعَ الْإِخْوَةِ، وَقَدْ يَرِثُ ثُلُثَ الْبَاقِي فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ مَعَهُمْ، وَيَأْتِي فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ (وَلِلْأُمِّ حَيْثُ لَا فَرْعٌ وَارِثٌ لِمَيِّتٍ) مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ (وَلَا جَمْعٌ مِنْ إخْوَةٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (أَوْ أَخَوَاتٍ) أَوْ خَنَاثَى، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِخْوَةِ بَيْنَ كَوْنِهِمْ أَشِقَّاءً أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ مُخْتَلِفِينَ، وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِمْ وَارِثِينَ أَوْ مَحْجُوبِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ حَجْبَ شَخْصٍ، بِخِلَافِ الْمَحْجُوبِ بِالْوَصْفِ مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ؛ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ: لَيْسَ الْأَخَوَانِ إخْوَةً فِي لِسَانِ قَوْمِك، فَلِمَ تَحْجُبُ بِهِمَا الْأُمَّ، فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا كَانَ قَبْلِي، وَمَضَى فِي الْبُلْدَانِ، وَتَوَارَثَ النَّاسُ بِهِ، وَهَذَا مِنْ عُثْمَانَ يَدُلُّ عَلَى اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هُنَا لَفْظُ الْإِخْوَةِ يَتَنَاوَلُ الْأَخَوَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَمْعِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ غَيْرِ كَمِّيَّةٍ (لَكِنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَبٌ وَأُمٌّ وَزَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ) وَهُمَا الْعُمَرِيَّتَانِ لِقَضَاءِ عُمَرَ بِهِمَا، وَالْغَرَاوَانِ لِشُهْرَتِهِمَا (كَانَ لَهَا)؛ أَيْ: الْأُمِّ (ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الزَّوْجَيْنِ، قَضَى بِذَلِكَ عُمَرَ، فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي النَّسَبِ الْمُدْلِي بِهَا وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ، بِخِلَافِ الْجَدِّ، فَلَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَ فَرْضَهُ، وَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ؛ لَزِمَ تَفْضِيلُ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَةَ فَرْضَهَا وَالْأُمَّ الثُّلُثَ كَامِلًا؛ لَزِمَ أَنْ لَا يُفَضَّلَ عَلَيْهَا التَّفْضِيلَ الْمَعْهُودَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالرُّتْبَةِ؛ فَلِذَلِكَ اسْتَدْرَكُوا هَذَا الْمَحْذُورَ، وَأَعْطَوْا الْأُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي وَالْأَبَ ثُلُثَيْهِ؛ مُرَاعَاةً لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ خَالَفَ الصَّحَابَةَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ اُشْتُهِرَ قَوْلُهُ فِيهَا: إحْدَاهَا: زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، وَالثَّانِيَةُ امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي عِنْدَهُمْ، وَجَعَلَ هُوَ لَهَا ثُلُثَ الْمَالِ مِنْهُمَا. الثَّالِثَةُ لَا يَحْجُبُ الْأُمَّ إلَّا بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ. الرَّابِعَةُ لَمْ يَجْعَلْ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً. الْخَامِسَةُ لَمْ يُعِلْ الْمَسَائِلَ، وَهَذِهِ الْخَمْسُ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيهَا، وَاشْتُهِرَ الْقَوْلُ عَنْهُ بِهَا (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا)؛ أَيْ: الْأُمِّ (أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ) لِكَوْنِهِ (مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ أَوْ) لِكَوْنِهَا (ادَّعَتْهُ) أَنَّهُ وَلَدُهَا (وَأُلْحِقَ بِهَا) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ دُونَ زَوْجِهَا الْجَاحِدِ لَهُ (فَمُنْقَطِعٌ تَعْصِيبُهُ)؛ أَيْ: الْوَلَدِ (مِمَّنْ نَفَاهُ) بِلِعَانٍ (وَنَحْوِهِ) كَجَحْدِ زَوْجِ الْمُقِرَّةِ بِهِ (فَلَا يَرِثُهُ) النَّافِي (وَلَا) يَرِثُهُ (أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِهِ) لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ وَهُوَ النَّسَبُ، وَكَذَا الزَّانِي وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ وَلَدَ الزِّنَا، وَكَذَا زَوْجُ الْمُقِرَّةِ وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا؛ لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ (وَلَوْ) كَانَ (التَّعْصِيبُ بِإِخْوَةٍ مِنْ أُمٍّ إذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ) مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ (وَنُفِيَا)؛ أَيْ: نَفَاهُمَا الزَّوْجُ بِلِعَانٍ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ بِأُخُوَّتِهِ لِأَبِيهِ، وَلَا يَحْجُبُ تَوْأَمُهُ أَحَدًا مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَسَبُ أُبُوَّةٍ (وَتَرِثُ أُمُّهُ)؛ أَيْ: أُمُّ مَنْ لَا أَبَ لَهُ مِنْهُ فَرْضَهَا (وَ) يَرِثُ (ذُو فَرْضٍ مِنْهُ)؛ أَيْ: مِنْ وَلَدِ زِنًا وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَنَحْوِهِ (فَرْضَهُ) كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ لَا أَبَ لَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مَنْعِ ذِي فَرْضٍ مِنْ فَرْضِهِ (وَعَصَبَتِهِ)؛ أَيْ: عَصَبَةِ مَنْ لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا (بَعْدَ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَصَبَةُ أُمِّهِ، لَا هِيَ)؛ أَيْ: لَا أُمُّهُ عَصَبَتُهُ، سَوَاءٌ وُجِدَ وَارِثٌ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مِنْ ذَوَاتِ الْفُرُوضِ، وَكَوْنُ عَصَبَتِهِ عَصَبَةَ أُمِّهِ. رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ ذُو السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَبَقِيَ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَرْضَهُمْ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ: «فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَرِثَهَا، وَأَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ لَهَا» رَوَاه الشَّيْخَانِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَرِثُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِهَا، فَيَبْقَى الْبَاقِي لِذَوِي قَرَابَتِهِ، وَهُمْ قَرَابَتُهُ، وَعَلَى هَذَا إنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً، فَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ؛ فَلَهَا الثُّلُثُ فَرْضًا، وَالْبَاقِي رَدًّا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مَنْ يَرَى الرَّدَّ (فِي إرْثٍ) فَقَطْ، كَقَوْلِنَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ (لَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ) فَلَا يُزَوِّجُونَهُ، وَلَا فِي وِلَايَةِ مَالِهِ، (وَ) لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فِي (عَقْلٍ) فَلَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ التَّعْصِيبُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ (وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ)؛ أَيْ: الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ إنْ كَانَتْ (لِأَقْرَبِهِمْ)؛ أَيْ: الْعَصَبَةِ مِنْ الْأُمِّ (فَأُمٍّ وَخَالٍ) لِمَنْ مَاتَ وَلَا أَبَ لَهُ وَ(لَهُ)؛ أَيْ: الْخَالِ (الْبَاقِي بَعْدَ) أَخْذِ الْأُمِّ (الثُّلُثَ) لِأَنَّ الْخَالَ عَصَبَةُ الْأُمِّ (وَ) إنْ كَانَ (مَعَهُمَا)؛ أَيْ: الْأُمِّ وَالْخَالِ وَ(لِلْأَخِ لِأُمٍّ) السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا، وَيَسْقُطُ الْخَالُ؛ لِأَنَّ أَخَ الْمَيِّتِ لِأُمِّهِ أَقْرَبُ مِنْ الْخَالِ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ مَعَ الْأُمِّ وَالْخَالِ (ابْنُهُ)؛ أَيْ: ابْنُ الْأَخِ لِأُمٍّ- وَإِنْ نَزَلَ- فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَ(لَهُ)؛ أَيْ: ابْنِ الْأَخِ لِأُمٍّ (السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّهُ)؛ أَيْ: ابْنَ الْأَخِ لِأُمٍّ (أَقْرَبُ مِنْ الْخَالِ) فَيَسْقُطُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَكَذَا لَا شَيْءَ لِلْخَالِ مَعَ أَبِي أُمٍّ، وَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ أُمِّ جَدِّهَا وَأَخُوهَا؛ فَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا أَخًا لِأُمٍّ؛ فَالْكُلُّ لَهُ، أَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا خَالَةً وَخَالًا وَمَوْلَى أُمٍّ؛ فَالْكُلُّ لِلْخَالِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ (وَيَرِثُ) مِنْهُ (أَخُوهُ لِأُمِّهِ مَعَ بِنْتِهِ) بِالْعُصُوبَةِ فَقَطْ (النِّصْفَ تَعْصِيبًا) فَإِذَا مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ؛ فَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ لِأُمِّهِ عُصُوبَةً، وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْفَرْضِ؛ لِسُقُوطِهِ بِالْبِنْتِ، وَ(لَا) تَرِثُ مِنْهُ (أُخْتُهُ لِأُمِّهِ) مَعَ بِنْتِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا تَحْجُبُهَا عَنْ الْفَرْضِ، وَلَا عُصُوبَةَ لَهَا، فَإِذَا خَلَّفَ مَنْ لَا أَبَ لَهُ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأُمٍّ؛ فَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأَخِ تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ أُمِّهِ، وَبِدُونِ الْبِنْتِ لَهُمَا الثُّلُثُ فَرْضًا وَرَدًّا وَالْبَاقِي لِلْأَخِ عُصُوبَةً، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَصَبَةِ الْأُمِّ الْعَصَبَةُ بِالنَّفْسِ لَا بِالْغَيْرِ، وَإِنْ خَلَّفَ أُخْتًا وَابْنَ أَخٍ فَلِأُخْتِهِ السُّدُسُ، وَلِابْنِ أَخِيهِ الْبَاقِي. وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى أُمِّهِ؛ فَالْبَاقِي لَهُ بَعْدَ فَرْضِهِمَا وَمَعَهُمَا أُمٌّ لَهَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِمَوْلَاهَا، وَإِنْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَجَدَّةً وَأُخْتَيْنِ وَابْنَ أَخٍ؛ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ. وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأَبًا أُمٍّ وَابْنَ أَخٍ وَبِنْتَ أَخٍ؛ فَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عُصُوبَةً، وَإِلَّا يُخَلِّفْ إلَّا ذَا رَحِمٍ فَكَغَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَإِنْ مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ وَخَلَّفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ أُمَّ أَبِيهِ الْمُلَاعَنَةِ) وَلَا عَصَبَةَ (فَالْكُلُّ لِأُمِّهِ فَرْضًا وَرَدًّا) لِأَنَّ الْجَدَّةَ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ، وَإِنْ خَلَّفَ جَدَّتَيْهِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا فَرْضًا وَرَدًّا، وَإِنْ خَلَّفَ أُمَّ أُمِّهِ وَخَالَ أَبِيهِ؛ فَلِأُمِّ أُمِّهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِخَالِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ أَبِيهِ، وَإِنْ خَلَّفَ خَالًا وَعَمًّا وَخَالَ أَبٍ وَأَبَا أُمِّ أَبٍ؛ فَالْكُلُّ لِلْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمٌّ فَهُوَ لِأَبِي أُمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَبُوهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِخَالِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِلْخَالِ؛ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ عَنْ عَمِّهِ وَعَمِّ أَبِيهِ؛ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِعَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ، وَإِنْ خَلَّفَ خَالَهُ وَخَالَ أَبِيهِ وَخَالَ جَدِّهِ؛ فَالْمَالُ لِخَالِ جَدِّهِ أَخِي الْمُلَاعَنَةِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ أَبِي أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَالُ جَدٍّ؛ فَالْمَالُ لِخَالِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ دُونَ خَالِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جَدَّتِهِ، وَالْأُمُّ تَحْجُبُ الْجَدَّةَ (وَإِذَا) قُسِمَ مِيرَاثُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ، ثُمَّ (كَذَّبَ مُلَاعِنٌ نَفْسَهُ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا تَوْأَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ (وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ) كَمَا لَوْ اقْتَسَمُوهُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِهِمْ.
تَتِمَّةٌ:
إذَا تَمَّ اللِّعَانُ انْقَطَعَ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إتْمَامِهِ وَرِثَهُ الْآخَرُ؛ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ إلَى الْمَوْتِ، وَعَدَمِ الْمَانِعِ.